مقالات
وقفة تامل ..
قاسم الغراوي
كاتب وصحفي
يشعر احدنا او اغلبنا بالقرف والتذمر ورغبة بالعزلة بعيدا عن مواقع التواصل اللا اجتماعي التي يتحكم فيها اصحابها (مالكيها) بل ويتحكمون في مانكتب وننشر ويعترضون على افكارنا ويحجبون صفحاتنا كعقوبة وتحذير فيما لو تجاوزنا سلطتهم وتعليماتهم التي تحتم علينا ان نسير وفق خطاهم .
يشعر الانسان بالبون الشاسع بين الاجيال والفجوة الكبيرة في الافكار والمعتقدات والثقافة ودرجة الوعي واعتقد ان ذلك واضحاً ونتابعه معا بشكل يومي على الصفحات وكذلك التعليقات التي تجسد توجهات الشخص ومستوى نضجه وثقافته .
في مواقع التواصل الاجتماعي التي تجسد غالبا سلوك وثقافة ومواقف الافراد سلباً ام ايجاباً تقرا وتتصفح الغث والسمين ، الجميل والقبيح ، ورغم كونه مجتمع افتراضي الا انه في الواقع يجسد غالبية مايدور في الواقع الحقيقي .
وفي المجتمعات الفاشلة، يوجد ألف أحمق مقابل كل عقل راجح .. وألف كلمة خرقاء إزاء كل كلمة واعية ..تظل الغالبية بلهاء دائماً وتغلب العاقل باستمرار ..فإذا رأيت الموضوعات التافهة تتصدّر النقاشات في أحد المجتمعات .. ويتصدّر التافهون المشهد، فأنت تتحدث عن مجتمع فاشل جداً بكل المقاييس ..
على سبيل المثال .. الأغاني والكلمات التي لا معنى لها والمحتوى التافه، تجد لها ملايين الناس يرقصون على نغمها ويردّدونها ويقتبسون من كلمات وحركات أصحاب المحتوى التافه ويُصبح صاحب الأغنية أو صاحب المحتوى مشهوراً ومعروفاً ومحبوباً ..
بل حتى الناس يأخذون آراء مثل هؤلاء التافهين في شؤون المجتمع والحياة ..وأما الكُتّاب والمؤلفون والمُفكّرون فلا أحد يعرفهم ولا أحد يُعطيهم قيمةً ووزناً ..لان معظم الناس يُحبّون التفاهة والتخدير للاسف .
شخصٌ يُخدّرنا ليُغيّب عقولنا عن الواقع الذي نعيشه ..وشخصٌ اخر صار يُضحكنا بالتفاهات أفضل من شخصٍ يُوقظنا للواقع ويُؤلمنا بالقول الحقّ .. ولذلك فإنّ الديمقراطية لا تصلح للمجتمعات الجاهلة .. (لأنّ الأغلبية الجاهلة هي التي ستُقرّر مصيرك ) ..
“إذا نظرت إلى الحياة عن قُرب فأنّك ستجدها تراجيديا قاتمة وإذا نظرت إليها عن بُعد فإنّك ستجدها كوميديا ساخرة”
ولله في خلقه شؤون .