بصراحه .عقد الرهان على حصان خاسر بالمطلق
الاعلامى/ سمير المسلمانى
فى ناس كتير ظننا ولو للحظات انهم فرسان واصحاب مبادىء ؟!
هي لحظة عصيبة بالغة القسوة من دون شك، لكن من منا لم يواجهها في مرحلة ما من حياته، ولم تستنزف الكثير من طاقته على الحب وبراءته في التعاطي مع الدنيا وتقلباتها، حين يكتشف وبشكل مباغت أنه وبكل الطيبة وصفاء النية الممكنة عقد الرهان على حصان خاسر بالمطلق، والأقسى من ذلك اكتشافه أن الشخص موضع رهانه لم يتحل منذ البداية بأي من صفات الخيل الأصيلة، وذلك بالمعنى الفروسي النبيل للكلمة ولم يكن حصانا جديرا بخوض أي سباق في مضمار الحياة، كثير التعرجات متعدد الحواجز الشاقة الكفيل دوما بكشف المستور من غدر وخديعة في النهاية.
صدمة كبرى تحدثها حقيقة شديدة المرارة كهذه، حين ندرك بأن عنوان الرهان والثقة لم يكن سوى شخص مدع تضمر روحه السواد والضغينة، غير أنه بارع في ادعاء وتقمص شيم الخيل من صدق ووفاء وأصالة وشهامة وشجاعة وترفع عن الصغائر.
والسؤال الذي يمكن طرحه في هذا السياق، ما العمل في مواجهة موقف قبيح مؤلم كهذا سوى القول (يا خسارة)! إذ لا تبدو مساحة الغفران المتوقعة هنا خطوة تنطوي على أية حكمة، ويمكن عدها تواطؤا غبيا ضد الذات المجروحة بالحقيقة،
وقبل أن يذهب هواة التأويل إلى شخصنة هذا الطرح أقول: لا انطلق من حكاية شخصية بقدر ما أتأمل في الحالة وأحاول أن أتفهم أسبابها، ويتملكني العجب من قدرة البعض على اقتراف الأذى، بحيث يسهمون في دفع المجني عليهم المغدورين في أمانهم، للتوصل إلى أن الحياة قاتمة إلى حد يبدو فيه قرار النأي والعزلة والابتعاد عن أولئك النماذج المشوهة وسيلة وحيدة لحماية الروح من استمرار الأذى في حقها.
حين يقدم صديق تكشف الأيام أنه ليس صدوقا البتة ومع الإصرار والترصد على التنصل من مسؤوليته في دعم ومساندة صديقه، بل خذلانه وخيانته تحت أعذار واهية فإنه يغتال فكرة الجمال من أساسها، وينتهك حرمة الإحساس بالأمان، ويلغي مفهوما إنسانيا بسيطا وضروريا هو الثقة بالحياة والآخرين، والسؤال الثاني الذي ينبغي طرحه في هذا السياق هو، أيهما قد يعد التصرف الأمثل في موقف كهذا، هل نرتضي أن نعيش الحياة بأعين مغمضة مضللين، ونعتقد واهمين أن كل شيء على ما يرام في تكرار لسلوك نعامي ساذج، يدفعنا إلى طمر مشاعرنا في رمل الإنكار والتجاهل، مقنعين أنفسنا في غمرة الحرائق المشتعلة حولنا أننا في منأى عن الخطر والأذى، أم ننتصر لكرامتنا الجريحة ونحدق مليا في الحياة (بنص عينها) ونقول لها بكل شجاعة وصراحة كم هي عوراء أحيانا! ونتحمل بصبر الجمال في بطن الصحراء، الخسارات التي تترتب على مواجهة كهذه ونتحلى بالعزم والجرأة لمواصلة الأمل، والتصدي بحزم لمن تسول له نفسه إيذاءنا، وطرده غير آسفين خارج مساحة أرواحنا التي كانت موطن إقامته الدائم يوما ما، ونعمل بكل ما أوتينا من رغبة في الحياة على الانتصار لذواتنا، فنحتمل آلام الانفصال ونعض على جراحنا ونصدق كي ننجو من حرقة الحزن أن (وجع ساعة أفضل بكثير من وجع كل ساعة)!!