مقالات
البث الحي
كتب
خالد سلام
ليس لنا إلا أن نصدق ما يُنْفَث من الأبْواق من قيل وقال من غير تَثَبُّتٍ ولا سؤال!
شيء غريب ما كنت أراه فأصدقه وغيره على النقيض فأكذبه..! هل أنا فعلا كنت على علم بحقيقة هي مجردة من أي أكاذيب وضلالات؟! هل كنت أرى وجوها منزوعة الأقنعة فيها درجة من الصفاء لرؤية ما تحتويه العقول من أفكار جيَّاشة، تَظِلُّ بأغصانها لتحميني أنا وغيري من الشعوب، فتكون لنا حضناً دافئا نستشعر بأمان ظلها، فتحمينا من خيانة أشعة شمس تحاول النَّفاذ إلينا، لِتَحرِقَنا من وَهَج أعْيُنها التي تسعى تارَةً إلينا ظاهِرَة وتارَةً في الخَفاءِ مُنْزَوِيَة، اسْتِماتَتَةً منها انتهاز الفرصة حالما تأتي نسمة عابرة فتحرك الأغصان ونحن تحتها مطمئنين، فما تلبث إلا أن تسترق النظر فتلقي بسهامها الغادرة فتكون مقتل لقلوبنا، ومنفذا لعقولنا، فَتُذْهِبنا من حرارتها، وتُعْيينا من قَساوَتِها، وتغيِّبُنا في عالم وهمي هو من الخيال قريب، لكي لا نكون معزولين عن عالمنا الحقيقي، الذي هو منا ملمساً ونسيماً تحتك به جوارحنا، فتشعر به حواسنا، لتشعرنا فعلاً في وجود عالم واقعي، ليس فيه أحلام ولا تهيؤات، ولا عبارات مبطنة ولا وجوه لها ابتسامات، أو ضحكات مجوفة بأكاذيب تتطاير منها لتكون رسائل إلى كل من له آذان صاغية لاهية، عن حقائق هي في الدنيا كاذبة. هل هذا فعلاً ما تخفيه الوجوه من صدق مشاعر قلوب على الشعوب؟! أم هي فقط أقنعة تحمي نفسها من أشعة الشمس، لتبقينا نحن تحتها بلا ظل ولا حماية؟!.
التحكم الإعلامي وأهمها التلفاز والمذياع يكون عادة لمصلحة شركات عالمية رائدة، والتي تعمل على التنافس في التأثير على المشاهدين لمصالحهم التجارية
بدأت في رحلة داخل أعماق الكتب والمواقع والمقالات، حتى أصبحت في قبوٍ تكسوه الظلمات، ومن هولِ فَزَعٍ تلعثمتُ بالكلمات، واعْتُقِل لساني من المفاجآت، وارتطمت براءتي.. بل غبائي بالفقرات، وسَقَطَت على رأسي وَيْلات الكِتابات، مما أَذْهَب من حواسي لُبَّ النهار، وَجَنَّ اللَّيل على عقلي وأفكاري باكتشاف حقيقة هي ليست بخيال، بل هي تجسيد واقع ظننتُ أنه خيال. إنها الحقيقة.. أن التلاعب بالعقل يكون عن طريق جعل الفرد يعيش دائما في حالة من عدم اليَقين، فتكون البداية بالشَّكِّ والارْتِباك، والتَّغْييب التَّام لأي رؤية واضحة، لأن وضوح الرؤية تعني الثقة، والثقة تؤدي إلى الوعي الذي يفتح باب القبول والاعتراض، وعن مساوئ الأمور وفسادها سيكون انتقاد. وهذا ما يقوم به الكثير من مؤسسات ونفوذ أشخاص، يقدمون الغالي والنفيس للحَيْلولة دون تَمَتُّعِنا بِرُؤَى عقلٍ صافٍ نفيس، كي لا نُدْرِك الحقيقة من واقع غير خادع، ليس فيه أكاذيب ولا تدليس، فقط حقيقة خدَّاعة هم يريدونها لإقناعنا بكذبة أصبحوا يصدِّقونها..!.
وللأسف.. تأكدت مخاوفي من أني لست في عالمي الملموس بل غارقاً في جهالتي، عندما قرأت ما قاله الصحفي الأمريكي إدوارد هنتر أن: “غسيل المخ هو نظام يعمل تشويش الدماغ وتعكير صفوه، فيصبح سهلاً تضليل الإنسان ليقبل بأشياء تتعارض مع مبادئه نتيجة التشويش الذي أصاب ذهنه، فيفقد الاتصال بالحقيقة، وتختلط الحقائق والأوهام في نظره، وتبدو له الأولى مكان الأخيرة والعكس صحيح..”. وقفت مذهولًا لِوَهْلة، بعقلٍ طارَ بجناحَيِّ الصَّدْمة والطَّعْنة، وقلب من خَفَقانِه يَتَرَنَّح تَرَنُّح الشَّارب حتى الثَّمالَة، وعيني مفتوحتان لا مَغْزى لها من نَظَرٍ، ولا مَرْمى إليه تَصِل