دين ودنيا

الصحابي الارقم بن ابي الارقم

د. صالح العطوان الحيالي
أبو عبد الله الأرقم بن أبي الأرقم عبد مناف بن أسد بن عبدالله بن عمر المخزوم المخزومي صحابي من السابقين الأولين في الدخول إلى الإسلام، اتخذ الرسول من دار الأرقم مقرًا للدعوة بداية الدعوة إلى الإسلام. وقد هاجر الأرقم إلى يثرب، وشارك مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم في غزواته كلها، توفي الأرقم بالمدينة المنورة في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وقد جاوز عمره الثمانين.
أسلم الأرقم قديمًا، فكان من السابقين إلى الإسلام، فكان سابع سبعة أسلموا، وقيل الثاني عشر، وقيل بعد عشرة. وأم الأرقم هي أميمة بنت الحارث بن حبالة الخزاعية، وقيل اسمها تماضر بنت حذيم من بني سهم من قريش، وقيل اسمها صفية بنت الحارث بن خالد الخزاعية.
كان من السابقين الأولين قيل أسلم بعد عشرة وقال البخاري: لهُ صحبة. وذكرهُ ابن إسحاق وموسى بن عقبة فيمن شهدوا بدراً، وروى الحاكم في ترجمتهِ في المستدرك أنه أسلم سابع سبعة.
وقد أسلم الأرقم بن ابى الارقم على يد أبي بكر الصديق، فعن عائشة زوج النبي محمد صلى الله عليه وسلم قالت: خرج أبو بكر الصديق يريد رسول الله وكان له صديقًا في الجاهلية، فلقيه فقال: يا أبا القاسم فقدت من مجالس قومك واتهموك بالعيب لآبائها وأمهاتها فقال رسول الله: إني رسول الله أدعوك إلى الله عز وجل فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلامه أسلم أبو بكر فانطلق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بين الأخشبين أحد أكثر سروراً منه بإسلام أبي بكر ومضى أبو بكر وراح لعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص فأسلموا ثم جاء الغد عثمان بن مظعون وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد والأرقم بن أبي الأرقم فأسلموا رضي الله عنهم.
هي دار الأرقم بن أبي الأرقم التي كان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يجتمع فيها مع أوائل المسلمين في مكة المكرمة في بداية دعوته حيث كانت الدعوة في ذلك الوقت سرية، وكانوا يتعلمون أسس الإسلام وكانوا يقرأون ما ينزل الله عز وجل من القرآن الكريم على رسوله محمد صلى الله عليه و سلم، وفيها أسلم كبار الصحابة ومنهم عمر بن الخطاب
قال ابن الجوزي رحمه الله :
” كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستر النبوة ويدعو إِلَى الإسلام سرا ، وكان أَبُو بكر رضي اللَّه عنه يدعو أيضا من يثق به من قومه ممن يغشاه ، ويجلس إليه ، فلما مضت من النبوة ثلاث سنين نزل قوله عز وجل : ( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) ، فأظهر الدعوة ” انتهى من ” المنتظم في تاريخ الأمم والملوك ” (2/364) .
وكانت دار الأرقم بن أبي الأرقم هي المركز الرئيسي لانطلاق الدعوة ، واجتماع رسول الله صلى الله عليه وسم بالمؤمنين ليعلمهم الدين .
قال تعالى : ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ) مريم/ 73 .
قال ابن كثير رحمه الله :
” (خَيْرٌ مَقَامًا وأَحْسَنُ نَدِيًّا) أَيْ : أَحْسَنُ مَنَازِلَ وَأَرْفَعُ دُوْرًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ، وَهُوَ مَجْمَعُ الرِّجَالِ لِلْحَدِيثِ ، أَيْ : نَادِيهِمْ أَعْمَرُ وَأَكْثَرُ وَارِدًا وَطَارِقًا ، يَعْنُونَ : فَكَيْفَ نَكُونُ وَنَحْنُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ عَلَى بَاطِلٍ ، وَأُولَئِكَ الَّذِينَ هُمْ مُخْتَفُونَ مُسْتَتِرُونَ فِي دَارِ الْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ وَنَحْوِهَا مِنَ الدُّورِ عَلَى الْحَقِّ ؟ كَمَا قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْهُمْ : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ) الأحقاف/11 ” انتهى من ” تفسير ابن كثير” (5/257)
سبب اختيار رسول الله لدار الأرقم:
1- أن الأرقم لم يكن معروفًا بإسلامه، فما كان يخطر ببال قريش أن يتم لقاء محمد وأصحابه بداره.
2 – أن الأرقم بن أبي الأرقم من بني مخزوم، وقبيلة بني مخزوم هي التي تحمل لواء التنافس والحرب ضد بني هاشم، فلو كان الأرقم معروفًا بإسلامه فلا يخطر في البال أن يكون اللقاء في داره، لأن هذا يعني أنه يتم في قلب صفوف العدو
3 – كان الأرقم فتىً عند إسلامه، فلقد كان في حدود السادسة عشرة من عمره، ويوم أن تفكر قريش في البحث عن مركز التجمع الإسلامي، فلن يخطر في بالها أن تبحث في بيوت الفتيان الصغار من أصحاب رسول الله ، بل يتجه نظرها وبحثها إلى بيوت كبار أصحابه، أو بيته هو نفسه.
وقد هاجر الأرقم إلى يثرب، وآخى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي طلحة زيد بن سهل. وشهد مع الرسول الغزوات كلها، ومنحه النبي سيفًا من غنائم غزوة بدر. كما أسند إليه النبي أمر الصدقات.
مواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم
عن الأرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم بدر: ضعوا ما كان معكم من الأثقال فرفع أبو أسيد الساعدي سيف ابن عائذ المزربان فعرفه الأرقم بن أبي الأرقم فقال هبه لي يا رسول الله فأعطاه إياه.
وعنه رضي الله عنه أنه جاء إلى رسول الله فسلم عليه فقال: أين تريد؟ فقال: أردت يا رسول الله ههنا وأومأ بيده إلى حيز بيت المقدس، قال: “ما يخرجك إليه أتجارة؟” فقال: قلت لا ولكن أردت الصلاة فيه، قال: “الصلاة ههنا وأومأ بيده إلى مكة خير من ألف صلاة وأومأ بيده إلى الشام”
وللأرقم رواية للحديث النبوي أوردها أحمد بن حنبل في مسنده.
توفي الأرقم بن أبي الأرقم بالمدينة المنورة سنة 55 هـ، وعمره بضعًا وثمانين سنة، وقيل مات سنة 53 هـ، وعمره 83 سنة، (وبذلك يستنتج إنه ولد في عقد السنوات 30 – 40 قبل الهجرة تقريبا)، وصلّى عليه سعد بن أبي وقاص بحسب وصية الأرقم. وكان للأرقم من الولد عبيد الله وعثمان وصفية أمهاتهم أمهات ولد، وأمية ومريم أمهما هند بنت عبد الله بن الحارث من أسد بن خزيمة.
المصادر
اسد الغابة في معرفة الصحابة
سير إعلام النبلاء
الطبقات الكبرى
الإصابة في تمييز الصحابة
معرفة الصحابة
تاريخ الرسل الطبري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى