المزيد
في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فلسطين ..شاهدة وشهيدة
قاسم الغراوي
كاتب وصحافي
يحتفل العالم في يوم حقوق الإنسان بتاريخ 10 كانون الأول/ ديسمبر 2023، بالذكرى السنوية الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو احتفال تاريخي يُعرَف بمبادرة حقوق الإنسان 75. ويصادف هذا العام أيضًا الذكرى السنوية الـ30 لإنشاء مفوضية الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان.
عبر التاريخ عجزت الدول العالمية عن تحقيق ابسط حقوق الإنسان وكل مامن شأنه ان يحقق الاستقرار ويصون كرامة الإنسان رغم صدور الكثير من القرارات او القوانين النافذة التي اقرتها الأمم المتحدة وكانت حبرا على ورق لأنها لم تكن عالمية وعادلة كما اقرتها تلك الدول .
ان مايعيشه العالم اليوم هو بعيد كل البعد عن هذه الحقوق وعن قيم الإنسانية التي اقرتها الشرائع السماوية والأعراف الدولية وظل الإنسان مستهدفا في كل الازمنة ضحية لرغبات واطماع الدول التي تدعي الإنسانية فيقتل بدم بارد ويهجر وتسلب ارادته ويعتقل وتعدم كل مقومات حياته رغم انه حر طليق .
إذا كانت تعريفات ومفاهيم حقوق الإنسان يتجه نحو الاستقرار والعلاقات الإنسانية الإيجابية العالمية فإننا نشك وبقوة والمواقف تعري امريكا ودول الغرب بكذبة حقوق الإنسان وعالميتها لان كل المعطيات على الساحة العالمية تشير باتجاه معاكس لحقوق الإنسان .
في نفس الدول التي تحدثنا عن حقوق الإنسان والإنسانية وعلى أساس أنها تقود عالم اكثر امنا وانسانية هي فاقدة للإنسانية وحتى القرارات والقوانين التي اقرتها وأصدرتها لم تجد اذان صاغية للاعتراف بها من قبل الحكومات التي تمارس القمع بحق الشعوب ، وخير دليل أنها لم تضغط من اجل تغيير سياسات الكيان الصهيوني المحتل في تعامله مع الشعب الفلسطينيً او تغير من واقعه.
فهل تتحرك الأساطيل نحو الشرق الأوسط وتسقط حكومات وتساند الظلم وتنتج الفوضى من اجل حقوق الإنسان ؟ وهل ان الدول الاستعمارية التي ترهب الشعوب وتتدخل في رسم سياساتها وتملي شروطها هي من اجل حقوق الإنسان ؟ وهل حصار الدول وتركيعها وتجويعها يعبر عن حقوق الإنسان ؟
وهل ان الانتقام البشع والقتل الوحشي والتدمير لمتطلبات الحياة وقصف المستشفيات والكنائس والمساجد في فلسطين من قبل الكيان الصهيوني يراعي حقوق الإنسان ؟
وهل ان دول الغرب وأمريكا التي صدعت رؤوسنا بحقوق الإنسان تراعي هذه الحقوق في فلسطين وتدافع عن حق العيش بدون تهديد للأطفال والنساء وكبار السن ؟
العالم الاعور الذي اقر قوانين حقوق الإنسان يغمض عينه الأخرى تجاه حقوق الشعب الفلسطيني ، والدول الراعية للارهاب نفسها تطالب بحقوق الإنسان وصدعت رؤوسنا به لكنها تغض الطرف عن القتل الممنهج للشعب الفلسطيني لاتحرك ساكنا أمام حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني الغاصب تجاه الشعب الفلسطيني !؟
مع كون إعلان حقوق الإنسان يشمل 30 مادة تتناول حقوقًا ولكنّها (لا تزال خارج متناول الكثيرين) في العالم .
التعليم والعمالة والأجور العادلة والحق في التصويت والحقّ في الرعاية الصحية ، قيم حرية التعبير والخصوصية والاحترام المتبادل بغض النظر عن الجنس والعرق والإثنية والدين والعيش الكريم بأمان كلها من حقوق الإنسان لكنها مفقودة بفعل عدم اعتراف امريكا والغرب بها في بلداننا وفلسطين شاهدة وشهيدة على ذلك .
رغم ان مبادرة حقوق الانسان تركز بأهدافها الرئيسية الثلاثة على العالمية والتقدم والانخراط، وتديرها مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان وبالتعاون مع شركائها. إلا أنها وللأسف لم تقدم رؤية شاملة لعالم اكثر امنا واستقرارا يتحقق فيه ادنى مستويات الحياة الحرة الكريمة او تضغط باتجاه فرض القرارات والقوانين التي تسهم في الحفاظ على حياة الإنسان كما لاتوجد مصداقية او تعهدات وأفكار عالمية تتعلّق بالرؤية الخاصة بمستقبل حقوق الإنسان وتطبق على الواقع وخير دليل إبادة الشعب الفلسطيني .