. حبة رمل في العين
لواء.دسميرالمصرى
كاتب بالاهرام الان والاخبار المصريه
الحسد هو أن تحصي النعم التي يحظى بها الآخرون ، فبدل من ان تعدِّ نعمك فإنك تنظر الي غيرك ، يقول بعض الناس أن يحسدك الناس أفضل من أن يشفقوا عليك ، انما الحسد مثل النار دائماً تستهدف أعلى النقاط ، فلا يمكنك أن تكون سعيداً وحاسداً في نفس الوقت. لله درُّ الحسد ما أعدله ، لقد بدأ الحسد بصاحبه فقتله.
هل تعلم ان الحسد عاطفة مفعمة بالجبن والعار ، أبدا لايجرؤ إنسان على الاعتراف بها ، نحن نعلم جيدا ان جمال العقل بالفكر، وجمال اللسان بالصمت، وجمال الوجه بالعبادة، وجمال الفؤاد بترك الحسد، وجمال الحال بالاستقامة، وجمال الكلام بالصدق ، والحسد يولّد البغضاء ، والبغضاء تولّد الاختلاف، والاختلاف يولّد الفرقة، والفرقة تولد الضعف، والضعف يولّد الذل، والذل يولّد زوال الدولة، وزوال النعمة، وهلاك الأمة.
إنّ النجاح يجعل الكثير من الناس يكرهونك، وكم كنا نتمني أن لا تكون الأمور بهذا الشكل ، انه من الرائع أن تستمتع بالنجاح دون أن تري نظرة الحاسد في عين المحيط بك ، فما أسعده ذلك الذي لا يكون الحسد رفيقا له ، إن الناس تحسدك دائماً على شيء لا يستحق الحسد، فمتاعهم هو سقوط متاعك ، انهم حتي يحسدونك على الغربة علي اساس أن التشرد مكسب وعليك أن تدفع ضريبته نقداً وحقداً.
ان الحسد لا يأكل شيئاً سوى صاحبه ، الحسد إهانةٌ للذات ، الحسد ينبع من انعدام الثقة، لا بالآخرين بل بالذات ، تأكد تماما أن زيادة الثناء بغير استحقاق تملّق واستجداء وان حجب الثناء مع استحقاق حسد وافتراء ، فالحسد عاطفة مفعمة بالجبن والعار لا يجرؤ إنسان على الاعتراف بها. أنه أول خطيئة ظهرت في السماوات، انه أول معصية حدثت في الأرض.
ان الحسد حبة رمل في العين ، إن الكره ليرتجف أمام الحبّ، وإن الحقد ليهتز أمام التسامح، وإن القسوة لترتعش أمام الرقّة واللّين. فإذا كان الحقد من أساس، فهو الإهانة والاحتقار. إن الإنسان الضعيف قد يصبح متوحشاً مفترساً إذا ما أُتيحت له الفرصة، وإذا كان يشعر بالحقد على الحياة والمجتمع.
كثيراً ما يقود الحب إلى التغلب على الحسد ، فالأب وحده الذي لا يحسد ابنه على موهبته ، اعلم جيدا إن السعادة لا يصنعها الطعام وحده ، ولا حتي الثياب الثمينة، ولا الزهو والحسد، وإنما يصنعها حب لا نهاية له.
أن الحسد أغبى الرذائل علي الإطلاق ، فإنه لا يعود على صاحبه بأية فائدة ، فغمد الشفقة المطلي بالذهب، يُخفي بدلخله خنجر الحسد ، ان الموت يفتح باب الشهرة، ويُغلق باب الحسد ، اتدري أن من مكونات الحسد حب العدالة ، أننا نغضب من الثروة الغير مستحقة أكثر من الثروة المستحقة ، ان الحسد يأكل المودة، والجحود لا يفسد الود وحده أنه يفسد المروءة أيضاً.
الخلاصة
طهّر فؤادك من حقدٍ ومن غلٍ ، فشرَّ داءٍ يضرُ القلب داؤهما ، وكن كالنّخيل عن الأحقاد مرتفعاً يؤذي برجمٍ فيعطي خيرُ أثمار ، واصبر إذا ضاقت ذرعاً والزمان سطا لا يحصل اليسر إلا بعد إعسار
إن الحقود وإن تقادم عهده ، فالحقد باقٍ في الصدور مغيب ، ان ادعاء الحب أسوأ من الحقد ، اما التجعيدة القديمة لا تمحى أبداً. وفي كل عين عبرة ، وفي كل صدر حسرة وغليل.
عند الشدائد تذهب الأحقاد. لكي تتقي حقد الناس، فكن قاسياً على نفسك كريماً معهم ، واعلم جيدآ إن الشعب الذي لا يشعر بالحقد، لا يمكنه أن يهزم عدواً همجياً ، وتأكد انه في العالم أكداس من الكراهية والحقد لا بد من تصفيتها ، لقد كانت تفصل بينهما مسافاتٍ طويلةٍ، من الحقد والمرارة.
اتدري أجمل ما قيل عن الحقد والحسد ؟
إن الحقد لا ينصر قضية، وان القضايا التي تنتصر هي ذات الأسباب الواضحة. فعذّب حسّادك بالإحسان إليهم ، ان لون الحاسد شاحب وكلامه نميمة واعلم أن الحسود ظالم يتظاهر للناس في ثوب المظلوم.
غدا صباح مصري جديد ،،،،،،