المزيد

جذور

الكاتب الأديب
طارق موسى
كاتب صحفى بجريدة الأهرام الآن وجريدة الأخبار المصرية.
كما أن للأشجار جذور، تعمل على تثبيتها، وتستمد منها قوتها، وغذاءها، فللأوطان، والشعوب جذور، وللأفراد جذور.. تستمد منها دوامها وثباتها.
ومصر بعراقتها وأصالتها جذورها ضاربة فى عمق التاريخ، إن تكن هى صانعة التاريخ.
وأرى أن أهم هذه الجذور، والثوابت، جذر التدين، فالمصرى القديم، منذ آلاف السنين، عرف عقيدة البعث والحساب، ووضع فى قبوره، الطعام والشراب إعتقادا راسخا بالبعث والحساب.
ثانى هذه الجذور، الأخذ بأسباب العلم، فلم يعش المصرى القديم حياته بصورة عشوائية كما عاشتها سائر الشعوب آنذاك، بل كان كل شئ عنده مخطط، يظهر ذلك جليا واضحاً فى الهندسة المعمارية لإنشاء الأهرامات، وفن التحنيط، والفلك، والطب، وسائر فروع العلم والمعرفة التى لم تكن معروفة لأحد سواه آنذاك، وبشكل يعجز عنه العلم الحديث رغم ماوصل إليه من تقدم ونجاح.
ثالث هذه الجذور، القدرة على بناء الدولة القوية المتماسكة، إذ أدرك المصريون القدماء أهمية تأسيس الدولة، وتكوين الجيش، كل ذلك تحت إشراف حكومة مركزية، فى الوقت الذى كانت تعيش فيه شعوب العالم فى ظلام الجهل والفوضى والبدائية.
الإهتمام بالزراعة، وكل مقومات المعيشة، والتخطيط الجيد لذلك، حيث أدرك المصرى القديم أن هذه هى أهم مقومات الحياة.
من هذه الجذور أيضاً، الريادة، حيث أخذ مصر على عاتقها مسئولية، التصدى لكل قوى البغى على مر العصور منذ عهد أحمس، وذلك منذ آلاف السنين، كذلك تصديها للتتار على يد قطز، والحملات الصليبية على يد صلاح الدين.
أفلا تستحق مصر أن ينحنى لها التاريخ؟
هاتوا لى دولة فى العالم لها جذور كجذور مصر.
إعلموا أن الجذور هى بالتأكيد أسس قيام الدولة، وعماد بنيانها، وأن مصر بلدة عريقة، عرفت منذ فجر التاريخ، كيف تضرب جذورها فى عمق التاريخ، وتستقى كل مقومات بناء الدولة من تلك الجذور. إن دولة بلا جذور كنبات (الإيلوديا) الذى يطفو على سطح الماء بلا جذور فى أعماق المجرى المائى. قد يغرك مظهره، ولكن مع التيار العاتى يذهب أدراج الرياح.
هيهات هيهات لبلد الأصول والجذور أن تنكسر، وهيهات هيهات لبلاد نبات الإيلوديا أن تدوم!
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏ابتسام‏‏

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى