ادب وثقافه وفن
ثأر قديم
الاديبه الكبيرة
مي شهرستان
مات أبي وازداد ألمي يوماً بعد يوم… لم يعد يعزيني ما فقدته من هناءة الحياة ونعيمها إلا أمي التي لم تترك خيطاً من خيوط الأمل أو شعاعاً من الرجاء إلا وغمرتني به لقد وهبتني صدق عاطفتها وعمق وجدانها
فكانت لي الفجر الذي يبزغ منه النور…….كانت تفرغ أقصى جهودها لتمنحني حياة مليئة بالتقوى والعلم
لقد كبرت وترعرعت وأنا أنهج من توجيهات أمي ومن آراءها السديدة ليأتي اليوم الذي أرفع به وجهي إلى السماء مبتهلة أن يمد الله بعمرها.
ماكانت تتمناه أمي قد حصل…. فقد تخرجت وبتفوق من كلية الحقوق وها إنني أقف على منبر العدالة وأعتلي أقواس المحاكم بهيبة ووقار .
إستمرت حياتي هكذا ينبوعاً عذباً منساباً بالهدوء والسكينة والتوفيق الذي لازمني والحمدلله بفضل رضى امي ودعواتها كل هذه السنوات
…إلى أن اتى اليوم الذي رن فيه ذلك الهاتف الفرحان لأقف وجها لوجه أمام هذا القدر القاسي .
كان علي أن أسمع منه حجج مقنعة وأسدل الستار عن ماض كثرت فيه أمطار الغرور وأحابيل الخداع .
ما الذي ذكره بي بعد هذه السنوات القاسيات اليابسات؟؟
هل يسعى لإعادة المياه إلى مجاريها؟؟؟؟
أم لديه بعض من سهام المكر والخداع نسي ان يصوبها ؟؟؟
هل أتى ليتلمس الأعذار ويتلاعب بالألفاظ ثانية ؟؟
هل فعلا بدأ ينتقل الى مفاهيم القيم والأخلاق ؟؟
هل ثار على التقاليد والقيم والفروقات الاجتماعية ؟؟؟
هل ما أنا عليه الآن من علم وثقافة وشهرة قلبت لديه الموازين ؟؟؟
أسئلة كثيرة.. حاولت أن لا أجيب عنها قبل أن أسمع منه بدء الحديث وختامه
هو
ليس يخفاني ما سببته لك من ألم أدمى كبدك وأصابك في الصميم
ولم أنكر كيف أعمى الطيش واللهو بصيرتي وجعلني مشلول التفكير
جعلني مراهقاً طائشاً بارعاً في أساليب التجريح والأستهتار
جعلني أكفر بالحب وأستبدله بصغائر الملذات
جعلني أنخدع بالعناوين لأرى في الثراء مجداً وشرفاً و في الفقر ذلاً وشقاء
جعلني أظن أن السعادة وقفاً على الأغنياء فقط وأنسى ان الفقراء هم أسعد الناس عيشاً
لا أخفيك كم كنت سطحي التفكير تائهاً عن ذاتي…
لم أعرف قدر الفتاة التي أرادت الحب فكان حبها بلا أمل
الفتاة التي ظنت إنها وجدت للروح أليفتها
لكن قدرها وحظها السيئ أوقعها مع رجل رسم خطوط سعادتها بريشة دخانية .
ايام وسنين مضت وأنا اقضم أيامي قضماً
فلم أجد يوما أقرب من هذا اليوم لأرفع سماعة الهاتف وأستعرض ما أريد أن أخبرك به .
أنت
من حقك أن تتساءلي
ومن حقك أن لا تجيبي
ومن حقك أن تتنكري
ومن حقك أن ترجعي الى قلبك وتتركي له حرية الجهر بصوته
عله يبرئني امام نفسي .
هي
دعني أهنئك على فصاحة لسانك واِستكانة ألفاظك
وما تخفي وما تبوح خاطبت فأطلت الخطاب
لم يكفك ما أسلفت لي من خيبة وشقاء
بل عدت لتنبش ذاكرة دفنتها خدود السنين
إنني يا سيدي ممن يعجبهن خيالك الواسع الخصب
فما إن ضقت ذرعاً بمجتمعك المخملي
ومنهجك الغابر حتى جئت بنفس صاحب الحاجة
وصاحب الحاجة كما يقال أرعن لا يرضيه إلا قضاؤها
طلبت مني أن أرجع إلى قلبي عله يبرئك أمام نفسك
بأي حجة سأقنع قلبي إنك فعلاً أصبحت الملاك الطاهر ولبست ثوب الصدق
فحقائق الرأفة والرحمة في تربيتكم ومعشركم بنظري مستحالة
والأيام أبدت واثبتت لي هذا .. وأنا لا أكذب العناوين
فيا سيدي عد من حيث أتيت فأنا قد تخظيت رحلة الإنتقام
ولبست قفاز النسيان .