مقالات
الإمارة
د.صالح العطوان الحيالي
الإمارة حلوة الرضاع مُرَّةُ الفطام .وقال يزيد بن المهلّب حين سُئل: ألا تبني دارًا؟
الإمارة هي صورة من صور الدولة السياسية وسميت نسبة إلى من يحكمها وهو الأمير وسعادة ما يكون نظام الحكم وراثيا والنظام الملكي. وتعني الإمارة في اللغة الولاية وتطلق ايظا على منصب الامير وعلى جزء من الأرض يحكمه الأمير والأمير هو من يتولى امر قوم وامرتهم . هي شكل من أشكال الادارة المحلية خاضعة بصورة مباشرة أو غير مباشرة للسلطة المركزية.وكان أمراء الأقاليم يسمون عمال اي انهم ليسوا أصحاب سلطة . يعتبر الصحابي عتاب بن أسيد اول الولاة الذين عينهم النبي صلى الله عليه وسلم فقد أولى اول امارة في الإسلام في مكة بعد فتحها .
تقول العرب:
الإمارة حلوة الرضاع مُرَّةُ الفطام .
وقال يزيد بن المهلّب حين سُئل: ألا تبني دارًا؟
قال: منزلي دارُ الإمارة أو الحبس.
ومن امتطى صهوة السلطة بالسيف وذاق عسيلتها فإنه لا يتنازل عنها أو يتركها إلا بالسيف، وصفحات التاريخ مليئة بسطور كتبت بالدماء لا بالمداد،
وما سل سيف على شيء مثلما سل على الملك أو الحكم أو الخلافة، ولا يحفظ رداء الملك ويصان عن كل جاذب إلا بالقوة والصولة والحزم والحسم، ومن تهاون في الحفاظ على ملكه أو حكمه فقده وضاع منه.
وقال المتنبي
لا يَسلَمُ الشّرَفُ الرّفيعُ منَ الأذى
حتى يُرَاقَ عَلى جَوَانِبِهِ الدّمُ
وتقول العرب “مَنْ مَلَكَ اسْتَأثَرَ”
يضرب لمن يَلِي أمراً فيُفْضِل عَلَى نفسه وأهلِهِ فَيُعَابُ عليه فعله.
ولعمر بن أبي ربيعة
وَاِستَبَدَّت مَـــرَّةً واحِـدَةً …
إِنَّما العـاجِزُ مَن لا يَستَبِدْ
ومن هنا جعلت العرب في حِكَمها : إنما العاجز من لا يستبد
و الاستبداد عندما يقرن بـالعدل يكون حكمةً وعدلاً ..
أما الاستبداد من دون عدل ، فهو : الطغيان والظلم
وقال ابن خلدون في المقدمة
ثم إن الملك منصب شريف ملذوذ يشتمل على جميع الخيرات الدنيوية والشهوات البدنية والملاذ النفسانية فيقع فيه التنافس غالباً، وقل أن يسلمه أحد لصاحبه إلا إذا غلب عليه، فتقع المنازعة وتفضي إلى الحرب والقتال والمغالبة، وشيء منها لا يقع إلا بالعصبية كما ذكرناه آنفاً.
وقد يسأل سأل وكيف نرى بعض البلاد يسلم الملك سلميا دون قتال؟؟
فيجيب ابن خلدون بقوله:
وهذا الأمر بعيد عن أفهام الجمهور بالجملة ومتناسون له، لأنهم نسوا عهد تمهيد الدولة منذ أولها، وطال أمد مرباهم في الحضارة وتعاقبهم فيها جيلاً بعد جيل: فلا يعرفون ما فعل الله أول الدولة، إنما يدركون أصحاب الدولة وقد استحكمت صبغتهم ووقع التسليم لهم، والاستغناء عن العصبية في تمهيد أمرهم، ولا يعرفون كيف كان الأمر من أوله، وما لقي أولهم من المتاعب دونه
والملك لا يقبل الشراكة وفي ذلك تروى قصص كثيرة ومنها ما روي انه بعد موت رسول الله ﷺ اجتمع الصحابة في السقيفة فقال الأنصار رضي الله عنهم يكون منا أمير ومنكم أمير.
فقام عمر بن الخطاب فقال: هيهات لا يجتمع سيفان في غمد واحد.
وقيل لعبد الملك بن مروان: أقتلت عمرو بن سعيد الأشدق؟
فقال: قتلته وهو أعز عليّ من دم ناظري، ولكن لا يجتمع فحلان في شول.
المصادر
مقدمة ابن خلدون
أحمد حسن الزيات
عبد الحي الكتاني .التراتيب الإدارية نظام الحكومة النبوية
البغوي. ابو محمد التهذيب في فقه الإمام الشافعي