ادب وثقافه وفن

بقايا شتاء بعد بعض الكلمات الذابلة

فاطمة بركون/ تونس
تحت بقايا النور الخافت،الذي ترسله شمعة اللقاء الأخير المشتعلة فقط بخيط أبيض يسبح في سائل الشمع المحترق
المدفأة تحتضر برمادها الهامد المرتعش
هم بالوقوف، ترك يدها الشاحبة تنفلت مستسلمة للوداع الأخير ووجهها المظلم مازال متعلقا بقفل الباب لا يصدق أنه سيوصد بعد قليل،
أما هو فقد وقف جبارا كعادته في كل وداع
لا يبالي باللحظات الأخيرة، هو لا تتعبه ترهات الوداع أبدا، هو لا يرجف مثلها، لا يشحب مثلها هو كعادته لا يهمه البقاء و لا تغريه لحظات اللقاء الجميلة ….
رمقها بنظرة الوداع واعدا بلقاء لم يبح بزمانه و لا مكانه هو فقط يعد باللقاء
و اتجه نحو الباب و ما كاد يفتحه حتى أرعدت و أبرقت و بدأت حبات المطر تنقر حقيبته السوداء و خصلات شعره المنسدلة على جبينه المقطب، المكفهر
و بدأ الثلج يغطي أشجار الصنوبر كعادته،
عادت الريح تولول و عاد البرد يلسع الأبدان اليائسة فغير وجهته و عاد إلى المدفأة يحير رمادها ليبعث فيها الحياة و اتجهت هي نحو الشمعة الهامدة و رممتها و سوت خيطها و أشعلتها ثم اتجهت نحو النافذة مرحة و هي تردد:”بقايا شتاء! إنها بقايا شتاء”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى